سورة إبراهيم - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ (27)} [إبراهيم: 14/ 24- 27].
هذه مجموعة من المعارف المتعلقة بالكلام وضرب الأشباه والأمثال لكل نوع منه، سواء أكان كلاما حسنا وحقّا ثابتا، أم كلاما سيّئا وباطلا زائلا. وهو تشبيه المعنويات بالحسّيات المشاهدات، لترسيخ المعاني في الأذهان، كما هو الشأن في بيان القرآن الوصفي البليغ المحكم. والمعنى:
ألم تعلم أيها المخاطب العاقل كيف ضرب الله لك مثل الكلمة الطيّبة ومثل الكلمة الخبيثة، إن الكلمة الطيّبة وهي كلمة الحق والتوحيد والإسلام ودعوة القرآن كالشجرة الطيبة وهي النخلة ذات الأوصاف الأربعة:
- فهي شجرة طيبة الرائحة والطعم والمذاق، جميلة المنظر والشكل. وطيبة المنفعة، يستلذّ بها الآكل، وينتفع بها الإنسان نفعا شاملا.
- وأصلها ثابت، أي راسخ باق متمكّن في الأرض، لا ينقلع، يدوم صيفا وشتاء.
- وفرعها في السماء، أي شامخة مرتفعة في الجو الأعلى، بعيدة عن العفونات الأرضية، خالية عن الشوائب.
- تؤتي أكلها كل حين بإذن ربّها، أي تثمر في أدوار متعاقبة، كل وقت وقّته الله لإثمارها، بإرادة ربّها وإيجاده، وذلك في كل عام مرة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: الكلمة الطّيبة: هي (لا إله إلا الله) مثّلها الله بالشجرة الطّيّبة، وهي النّخلة في قول أكثر المتأوّلين، فكأن هذه الكلمة أصلها ثابت في قلوب المؤمنين، وفضلها وما يصدر عنها من الأفعال الزكية، وما يتحصل منها من عفو الله ورحمته، هو فرعها يصعد في السماء من قبل العبد، ويتنزل منها من قبل الله تبارك وتعالى، وهي نافعة في كل وقت.
وهكذا يضرب الله الأمثال للناس، فإن في ضرب الأمثال زيادة إفهام وتذكير، وعظة، وتصوير للمعاني، وما أرسخ تشبيه المعنويات والمعقولات بالحسيات المشاهدة.
وبعضهم جعل المؤمن هو مثل الشجرة الطّيبة، فهو في جميع أيامه في عمل، وإذا كانت الشجرة لا تخلّ بالإتيان بالأكل أو الثمر في الأوقات المعلومة، فكذلك هو المؤمن لا يخلّ بما يسّر له من الأعمال الصالحة. وهذا مقبول فأصحاب الكلمة الطيّبة هم المؤمنون.
ومثل الكلمة الخبيثة، أي صفتها وهي كلمة الكفر وما قاربها من الكلام السوقي في الظلم ونحوه، كشجرة خبيثة وهي شجرة الحنظل أو الثوم، وتتصف بأوصاف ثلاثة هي:
- أنها خبيثة الطعم، ضارّة الرائحة.
- وأنها اقتلعت واستؤصلت، وليس لها أصل ثابت ولا عرق دائم.
- وليس لها استقرار ولا دوام، وتقلبها الريح بعد اقتلاعها.
وأصحاب الكلمة الخبيثة هم الكافرون والعصاة، فالكافر لا يستقر بيده شيء، ولا يغني عنه كفره، كهذه الشجرة التي يظن من بعد أنها شيء نافع، وهي خبيثة الثمرة، غير باقية.
وأصحاب الكلمة الطّيبة: هم الفائزون بمرادهم في الدنيا. والله تعالى يثبّت أهل الإيمان بكلمة الإخلاص والنجاة من النار: (لا إله إلا الله) والإقرار بالنّبوة، يثبّتهم الله في الدنيا، أي مدة حياة الإنسان، ووقت السؤال في القبر بأن يخلق الله للإنسان في قبره إدراكات وتحصيلا. وفي يوم القيامة يثبّتهم عند العرض على الله. والتثبيت بحمايتهم من التّعرض للفتنة في دينهم في دار الدنيا، وبالتصريح بصحة المعتقد دون تلعثم ولا تحيّر من أهوال الحشر يوم القيامة. وكل هذا جائز في قدرة الله تعالى.
ويضلّ الله الظالمين أي يمنع الله الكافرين عن الفوز بثوابه، أو يتركهم وضلالهم لعدم استعدادهم للإيمان، وتجاوبهم مع الأهواء والشهوات.
ولله المشيئة المطلقة في الفريقين، يفعل الله ما يشاء، من هداية بعض وإضلال بعض، عملا بماله من حق الملك والسلطان.
والخلاصة: إن الآيات دعوة قوية صريحة للإيمان، وتحذير ورفض للكفر والضّلال.
أفعال الكفار والمؤمنين ومصير كلّ:
إن رسالة القرآن رسالة تصحيح وتقويم، ونصح وإرشاد، وتحذير وترهيب، فترى آيات القرآن تحمل حملة عنيفة شديدة على الكفر وأهله، وما يصدر عنهم من أفعال ضارّة بأنفسهم وأمّتهم، وما يستحقونه من عذاب وعقاب في النار، وفي الواجهة الأخرى تمدح الإيمان والمؤمنين، وتزكّي أعمالهم الصالحة، وتدعوهم دائما إلى فعل الخير الفردي والجماعي، وتعدهم بجنان الخلد والعاقبة الطيبة، وهذا أنموذج للحالتين، قال الله تعالى:


{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (31)} [إبراهيم: 14/ 28- 31].
هذا في الآية الأولى تنبيه على مثال عملي من الظالمين، حيث بدّلوا شكر نعمة الله كفرا، كقوله سبحانه: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} [الواقعة: 56/ 82].
ونعمة الله المشار إليها في هذه الآية: هو محمد عليه الصّلاة والسّلام ودينه. أنعم الله به على قريش، فكفروا النعمة، ولم يقبلوها، وتبدّلوا بها الكفر، والمراد بالذين كفروا: قريش جملة، بحسب ما اشتهر من حالهم.
الآيات دعوة إلى التعجب من أمر كفار مكة وأمثالهم، الذين صدرت منهم أفعال عجيبة غريبة:
أولها- أنهم بدّلوا شكر نعمة الله كفرا وجحودا، وتسّببوا في إنزال قومهم الذين شايعوهم وأطاعوهم في الضّلال والتّبديل دار البوار، أي الهلاك في الآخرة الذي لا مثيل له، وهو إصلاؤهم وإدخالهم في نار جهنم، وبئس المستقرّ قرارهم.
وثانيها- أنهم جعلوا لله أندادا، أي اتّخذوا لله شركاء عبدوهم معه، ودعوا الناس إلى عبادة الشركاء من الأصنام والأوثان.
وثالثها- أنهم اتّخذوا الشركاء ذات الصفة الوثنية، لتكون عاقبة أمرهم وصيرورته إضلال من شايعهم واتّبعهم، وصرفهم عن دين الله، وإبقاءهم في مستنقع الكفر والضّلال.
والأنداد جمع ندّ: وهو المثل والشّبيه المناوئ، والمراد الأصنام. واستوجب هذا كله أن يهدّدهم الله ويتوعّدهم بقوله: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} أي استمتعوا بما قدرتم عليه من نعيم الدنيا، فإن جزاءكم ومصيركم إلى النار، كما قال الله تعالى في آية أخرى: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (24)} [لقمان: 31/ 24].
ونظير هذه الآية في التهديد: {اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} [فصّلت: 41/ 40] وقوله سبحانه: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ} [الزّمر: 39/ 8].
وبعد هذا التهديد للكفار، أمر الله نبيّه بأن يبلّغ الناس ويأمرهم بإقام الصلاة التي هي صلة بين العبد وربّه وأجلّ العبادات البدنية، ويأمرهم أيضا في سبيل المجتمع بالإنفاق في سبيل الله الذي هو عبادة مالية، وذلك مما رزقهم الله، بأداء الزكوات، والنفقة على الأقارب، والإحسان إلى الأباعد، والتّصدق على المحتاجين.
وإقامة الصلاة: أداؤها مستكملة الأركان والشروط، مع المحافظة على وقتها، والخشوع لله في جميع أجزائها.
ويكون الإنفاق مما رزق الله، في السّر (أي في الخفاء) وفي العلانية جهرا، قال البيضاوي: والأحب إعلان الواجب (أي في النفقة) وإخفاء المتطوع به.
وتكون المبادرة للصلاة والإنفاق وغيرهما من الطاعات، للخلاص بالأنفس والنّجاة من الهلاك، من قبل أن يأتي يوم القيامة، الذي لا بيع فيه ولا تجارة ولا فدية، ولا تنفع فيه صداقة ومخالّة، للصّفح والعفو والإنقاذ من العذاب، بل إنه يوم تكون فيه العدالة المطلقة والقسط، والقصاص من الظلمة وإنصاف الحقوق وردّها إلى أصحابها، كما قال الله تعالى في آية أخرى: {فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحديد: 57/ 15] وقوله سبحانه: {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)} [البقرة: 2/ 123].
وكل ما فيه مسارعة إلى الطاعة والتّقرب من الله ومرضاته: فيه الخير والسعادة للإنسان. وكل تباطؤ أو تقصير أو إهمال أو ترك لعبادة الله وطاعته: شرّ للإنسان ودمار وهلاك وتضييع للمصلحة بالخلود الأبدي في جنّات النّعيم.
التّذكير بآلاء الله والتّنبيه على قدرته:
يتعهّد الله تعالى بفضله ورحمته عباده بين الفينة والأخرى، فيذكّرهم بما أنعم عليهم من نعم كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، ليحملهم على الشكر والطاعة، وينبّههم على قدرته التي فيها إحسان إلى البشر، لتقوم الحجة عليهم من وجهين. وهذا كله دليل قاطع على وجود الله ووحدانيته، وسلطانه وتصرّفه في الكون والأنفس، مما يوجب على العباد الإيمان بربّهم، والثّقة بوعده، وشكر إحسانه ونعمه. قال الله تعالى معدّدا آلاءه ومذكّرا بقدرته:


{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (33) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)} [إبراهيم: 14/ 32- 34].
أورد الله تعالى في هاتين الآيتين عشرة أدلة على وجوده وقدرته وهي:
- خلق السماوات: فالله هو خالق السماوات سقفا محفوظا مزيّنا بالكواكب.
- وخلق الأرض فراشا ممهّدا للعيش، وأقام فيها المنافع الكثيرة.
- وأنزل المطر من السّحاب، فأحيا به الأرض بعد موتها، وأنبت به الزرع والشجر، وأخرج الأثمار والأرزاق المختلفة ذات الألوان والطّعوم والرّوائح والمنافع المتباينة. والتذكير هنا بالثمار النافعة، أما ما كان منها سمّا أو ضارّا فيسقط، وهذا أيضا نعمة أخرى.
- وسخّر لكم الفلك، أي ذلّل لكم السفن، بتعليم صنعها، وتسييرها على وجه الماء من بلد لآخر للركوب والحمل، بإذن الله ومشيئته.
- وسخّر لكم الأنهار، أي فجّر لكم ينابيع الماء الجاري في الأنهار، ويسّر توزيعها وتفرعها لسقي أكبر مساحة من الأرض والشجر والزرع.
- وسخّر لكم الشمس والقمر دائبين، أي ذلّلهما وجعلهما يسيران في حركة دائمة، لدوام الخدمة والعمل. فهما دائمان في الطلوع والغروب وما بينهما من توفير منافع للناس لا تحصى كثرة، يفيدان على الدوام لإصلاح حياة الإنسان والحيوان والنبات والزروع والأشجار والثمار.
- وسخّر لكم الليل والنهار، أي جعلهما يتعاقبان ويتعارضان في وصال دائم، فمرة يطول الليل، كما في الشتاء، ومرة يطول النهار، كما في الصيف، ويقصر الآخر، وعلى العكس، وفي هذا التعاقب والتفاوت طولا وقصرا في الليل والنهار تحقيق الفائدة والخير للإنسان، فالليل للنوم والسكن فيه، وللراحة وقطع الأعمال، والنهار للسّعي والكسب والمعاش والتّقلب في شؤون الدنيا.
- وآتاكم من كل ما سألتموه، أي أعطاكم يا جنس البشر سؤلكم وحقّق مطلبكم، من كل ما شأنه أن يسأله الإنسان وينتفع به، ولا يطرد هذا في واحد من الناس، وإنما تفرقت هذه النعم في البشر، فهم الأسرة الكبرى الذين ينتفعون بنعم الله، موزعة بحكمة إلهية، ونسب حسابية على وفق المصلحة التي يعلم بها الله لكل إنسان.
ومقتضى هذا أن النّعم كثيرة ومتنوعة ومتجدّدة أيضا، في الزمان والمكان. وهذا ما نشاهده في عصرنا الحاضر حيث امتلأت ساحات الحياة بألوان من النّعم في النفس والمنزل والشارع ومجالات العمل المختلفة.
لذا قال الله تعالى بعدئذ: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها} أي إن أردتم أيها البشر تعداد نعم الله المنعم بها عليكم لا تستطيعون حصرها وتحديدها وإحصاءها لكثرتها، وعظمها في الحواس والقوى، وإيجادها من العدم، إلى هداية الإيمان، ومدد الأرزاق المتواصلة.
{إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}: أي إن الإنسان مع الأسف لا يقدّر النعمة ويظلمها بإغفال شكرها، والجحود بها، وعدم مقابلتها بالوفاء والعرفان. وهاتان الصفتان: الظلم والكفر موجودتان في الوسط الإنساني، قائمتان في كل إنسان، فإن كانت هذه الخلال من جاحد فهي بصفة، وإن كانت من عاص فهي بصفة أخرى، كما ذكر العلامة ابن عطية في تفسيره العظيم، فيكون الناس متفاوتين في اقتراف الظلم والكفر، فهناك من يلازم هاتين الصّفتين، وهناك من يصدر منه نسبة معينة منهما، والسعيد من تخلّص منهما بصفة نهائية تامّة.
دعاء إبراهيم عليه السّلام في البيت الحرام:
يلجأ الإنسان عادة للدعاء إما لدفع ضرر أو لجلب نفع، وهذا دليل على حاجة الإنسان لربّه، وإقرار بعبوديته له، واعتراف بربوبية الله وتوحيده، وإشعار بعظمة الله وقدرته، وتوجّه من الضعيف العاجز إلى صاحب السلطان المطلق والهيمنة التامة على المخلوقات. لكن قد يكون الدعاء تشريعا كدعاء إبراهيم عليه السّلام وهو مستقبل البيت الحرام، الذي كان فيه دلالة على مكانة البلد الحرام مكة، وسوء عبادة الأصنام، وإبانة لحقيقة الاعتقاد، وشكر على نعم الله، وطلب المغفرة منه لنفسه ووالديه والمؤمنين. وهذا إظهار للإخلاص، ومحبة أهل الإيمان، وتعظيم أماكن الشعائر الدينية. قال الله تعالى مدوّنا على الدوام شمول هذا الدعاء:

1 | 2 | 3 | 4